كل ثورة تبني على ميراث شعب أختار درب المقاومة و الحياة
كل مقاومة يكون درعاً للحفاظ على أعلى القيم المعنوية و المادية المقدسة.
وما حقيقة ثورتنا إلا فلسفة الحياة الحرة التي خلقت من العدم و أصبحت صاحب أعظم قيم تاريخية. هذه القيم التي بنت من الدماء الطاهرة و أصبحت قناديل تنير دربنا الذي يهتدي إليه سبيلنا.
درب ألتفت حوله ملايين القلوب هاتفين بصوتٍ واحد لا حياة من دون مقاومة و لا تطهير أرض إلا بدماء أبنائها. يقال كل من يتوفى يسقط نجمة في السماء ،لكن ثورة الشعب كلما سقط شهيداً يولد نجمة في قبة السماء عالياً مضيئاً و مستشرقاً يضيء أوجه محبيه. كل من سكب دمه على تراب الوطن، و أمتزج معها نبتت عليها ورود حمراء تدعونا إلى متابعة الطريق.
تاريخ الثورة الكردستانية حافلة بالتضحيات و الملاحم البطولية الذي يندر في التاريخ من أمثاله. أول مرة يخلق في تاريخ مجتمع الكردي ثورة من العدم و يولد الشعب من جديد بعدما شرد، و أغترب عن وطنه و حقيقته عن تاريخه العريق.
شعبٌ قد انحدر نحو الزوال و أستسلم لقدره في موطن أصبح مسرحاً لعرض الحروب و تجارب الإمبراطوريات و نظام الدول. لم يغمض عين طمع و جشع على ثرواته لم يزل سيف السلب و النهب مسلطاً على رقابهم . ليس فقط سلب القيم المادية بل سلب القيم المعنوية كالثقافية و الفنية و الفكرية و الروحية و العاطفية. ليس كل هذا فقط بل تم تمزيقها و تقسيمها كقطعة كعك في ليلة العيد و يضرب الكؤوس ببعضها و ترتفع أصوات قهقهات ساخرة على موائد قدر الشعوب، سكرانين بأقداح مملوءة بدماء ذكية. و ما الدماء الذكية إلا ملحمة انبعاث الكرد من جديد الذي خلق بفكر قائد قد ولد من رحم التاريخ مقدماً الجواب لسؤال كيف نعيش؟ ذلك السؤال المكون من كلمتين و مؤلفة من سبعة أحرف و تنتهي بإشارة استفهام يعني توقف في هذه المحطة و الغوص في أعماقه لمعرفة ما تحمله هذا السؤال بين طياته من آلاف الأسئلة التي تبحث عن الجواب من الناحية الفلسفية و الاجتماعية و مروراً بالسياسية و الاقتصادية ووصولاً إلى الحياتية.
الوصول إلى هذا الجواب يعني الوصول إلى معرفة الذات و معرفة الذات يعني معرفة الحياة الكون و الطبيعة. كل من توصل إلى إعطاء الجواب لهذا السؤال أصبح قنديلاً مضيئاً على دربنا و نور في ليالينا المظلمة.
يوم عن يوم يكبر و يتسع هذا النور و قافلة شهداء الحرية مسيرة نحو الشمس الأبدية، الرفيق الشهيد حقي قرار أول من قاد القافلة نحو الأمام تلك القافلة التي تكونت من آلاف الحلقات و كل حلقة هي نتيجة لأخرى. حلقات خلقت من لهيب النار كالرفيق مظلوم دوغان و كمال بير و محمد خيري دورموش و العشرات من أمثالهم و فراشات طهرت أنفسهن بقداسة النار مثل روناهي و بيريفان، فيان و سما وألفتريا و نور شموع الآمال مثل رفيق عكيد وأردال محمد قره سونغور صالح كندال و خليل جافغون عاكف علي جيجك و زيلان و بيريتان وشيلان ونوجان.... الخ و العشرات من خيرة الرفاق شرفاً و كرماً. قدموا كل ما لديهم من غالي و نفس دون خوف و تردد هؤلاء جعلوا من أنفسهم جسور على أنهار المستحيل لمرور الأجيال إلى عالم يسوده السلام و الحرية. عالم العدل و المساواة البعيدة كل البعد عن الصور الحية التي تعيشها واقع كردستان. من آلام و المأساة و تراجيدية الحياة القاسية من القتل و الظلم و الحرمان.
ففي كل يوم يسقط شهيداً و يولد نجمٌ في سماء بلادنا. و يضيء قنديل جديد على دربنا و عليه يسير إرادة الشعب و يكتب التاريخ بدمائهم الذكية أروع الملاحم البطولية.
لأن الشهداء هم القدوة و الرموز المثالية للذين نهتدي سبيلنا إليهم دوماً و على دمائهم نجدد عهدنا و قرارنا على وفائهم و أخلاصهم لقيادتهم و شعبهم ووطنهم
جيندا روناهي